السبت، 27 يونيو 2015

سعيد بن جبير والحجاج

قال أبو بكر الهذلي: لما دخل سعيد بن جبير على الحجاج قام بين يديه، فقال له: أعوذ منك بما استعاذت به مريم ابنة عمران، حيث قالت: «أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً». فقال له الحجاج: ما اسمك؟ قال: سعيد بن جبير. قال: شقي بن كسير. قال: أمي أعلم باسمي. قال: شقيت وشقيت أمك. قال: الغيب يعلمه غيرك. قال: لأوردنك حياض الموت. قال: أصابت اذن أمي. قال: فما تقول في محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال: نبي ختم الله تعالى به الرسل، وصدق به الوحي وأنقذ به من الهلكة، إمام هدى ونبي رحمة. قال: فما تقول في الخلفاء؟ قال: لست عليهم بوكيل، إنما استحفظت أمر ديني. قال: فأيهم أحب إليك؟ قال: أحسنهم خلقاً، وأرضاهم لخالقه، وأشدهم فرقاً. قال: فما تقول في علي وعثمان؟ أفي الجنة هما أم في النار؟ قال: لو دخلتهما فرأيت أهلهما إذا لأخبرتك، فما سؤالك عن أمر غيب عنك؟ قال: فما تقول في عبدالملك بن مروان؟ قال: مالك تسألني عن امرئ أنت واحدة من ذنوبه!! قال: فما لك لم تضحك قط؟ قال: لم أر ما يضحك، وكيف يضحك من خلق من تراب، وإلى التراب يعود؟! قال: فإني أضحك من اللهو. قال: ليس القلوب سواء! قال: فهل رأيت من اللهو شيئًا؟ ودعا بالناي والعود، فلما نُفخ بالناي بكى، قال: ما يبكيك؟ قال: ذكرني يوم ينفخ في الصور، فأما هذا العود فمن نبات الأرض، وعسى ان يكون قد قطع من غير حقه، وأما هذه المغاش والأوتار فإنها سيبعثها الله معك يوم القيامة. قال: إني قاتلك. قال: إن الله عز وجل قد وقّت لي وقتاً أنا بالغه، فإن يكن أجلي قد حضر فهو أمر قد فرغ منه، ولا محيص عنه، وان تكن العافية، فالله تعالى أولى بها. قال: اذهبوا به فاقتلوه. قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، استحفظكها يا حجاج حتى ألقاك يوم القيامة، فلما تولوا به ليقتلوه ضحك. قال له الحجاج: ما أضحك؟ قال: عجبت من جرأتك على الله وحلم الله جل وعلا عنك، ثم استقبل القبلة، وقال وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين. قال: افتلوه عن القبلة. قال: فأينما تولوا فثم وجه الله، ان الله واسع عليم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق